عندك عنين . . . صح؟ أكيد أمال انت بتقرأ الكلام دا إزاي دلوقت ! ! !
سؤال . . . كام مرة طلعت من بيتك الصبح بدري و اتمطعت جامد أوي و فردت دراعك على وسعها و خدت نفس طويل لذيذ منعش و بصيت حوليك شوفت الشمس اللذيذة و هي بتشرق نعسانة و سمعت العصافير بتغني نشيد الصباح . . . كام مرة عملت كدا ؟؟؟
كام مرة وقفت على شط البحر تشوف الغروب و امتزاج اللون الأزرق مع الأحمر و حسيت بالموج الدافي بيغسل رجليك و هوا البحر اللذيذ اللي خلاك في أروع حالات الإنتشاء . . . كام مرة عملت كدا ؟؟؟
عنيك اللي بتشوف بيها , دراعك اللي بتحركها بحرية , نفسك اللي بتاخده بكل سهولة و استمتاع , ودنك اللي بتسمع بيها دون ألم , جلدك اللي بيحس بنسمة الهوا الحلوة و طعم الموجة اللذيذ
الحاجات دي كلها , هل ممكن تتخلى عنها مقابل مليون دولار , ياخدوا كل حاجة و يسيبوا عنيك و هنديك مليون دولار ورق جديد بيقرمش – مش هتعرف انه بيقرمش لأننا هناخد دراعك و جلدك.
هل عمرك تخيلت العالم اللي عايش فيه الأصم الأبكم ؟؟ تدفع كام مقابل الإحساس اللي بتحسه لما تكون زعلان و مكتئب و سهران الليل محبط , تقوم تسمع آذان الفجر مع صوت العصافير و تلاقي رعشة قوية منعشة ملت جسمك كله أزالت كل همك و حزنك . . . تدفع كام مقابل الروعة دي ؟؟؟
هل عمرك تخيلت العالم اللي عايش فيه شخص بلا ذراعين ؟؟ تدفع كام مقابل حضن من شخص بتحبه وقت ما تكون متدايق و تبكي على كتفه و ترمي كل همومك و تنسى الدنيا كلها لأنك في حضنه . . . تدفع كام مقابل الراحة دي ؟؟؟
و هلم جرا يا سيدي . . . فلتحص كمية النعم و اللحظات و الهبات المذهلة في حياتك و شوف لو فقدتها تشتريها بكام
غلط كبير أوي منك و مني و مننا كلنا إننا نعتقد إن رأس مالنا هو الذهب و الفضة و فلوسنا في البنك و الأرض اللي في البلد و العمارة التمليك.
الحاجات دي كلها بتروح في لحظة
رأس مالك هو عقلك , عنيك , حريتك , احساسك , نِعم ربنا عليك الموجودة في كل لحظة في حياتك , شعورك اللي جواك اللي بيخليك تعيط لما تشوف حاجة مؤسية . . . تخيل لو مش بتعرف تعيط . . . ياااه مؤلم جدا لدرجة البكاء . . . تكون عاوز تعيط و مش عارف
يحكي أن هارون الرشيد قال "لابن السماك": عِظني – و كان هارون ماسك كوباية مية هيشربها – فقال له ابن السماك : يا أمير المؤمنين , لو حُبست عنك هذه الشربة , اكنت تفتديها بملكك؟
قال هارون : نعم , قال ابن السماك : فلو حبس عنك خروجها , أكنت تفتديها بملكك ؟ قال هارون : نعم
قال : فلا خير في ملك لا يساوي شربة و لا بولة ؟!!
المشكلة إننا اتعودنا على الحاجات دي و اعتبرناها من المسلمات , فقدنا القدرة على الإحساس بروعة و جمال الحاجات دي طالما إنها معانا , و دا خلانا نستهين بقيمتها و نصغر من شأنها., و منحسش بقيمتها إلا لما نفقدها
جرب كدا عور صباعك الإبهام في رجلك اليسرى , و صور نفسك شوف هتعرف تمشي ولا لأ و إن مشيت هتمشي إزاي , و كل دا نتيجة عطب صغير في صباع تخين , تخيل لو راح منك خالص ؟؟؟
والحاجات دي كلها نعم و منح من الله لنا , و المتوقع إن لما حد يديك حاجة حلوة أوي لازم تشكره عليها بشكل جيد , و مقابل النعم دي كلها شكرنا لله بيكون عن طريق عبادتنا ليه
بس النقطة اللذيذة أوي إننا مهما عبدناه و مهما عملنا فهو اللي بييسر لينا ده , هو اللي بيساعدنا على صيام يوم حر اوي , و هو اللي بيدينا القوة عشان نقوم الليل نصلي , و هو اللي بيدينا قوة التحمل عشان ننزل في البرد عشان نصلي الفجر في الجامع , و هو اللي بيمنحنا الصبر و الإصرار عشان نختم القرآن
يعني لولا نعم ربنا علينا , مكناش هنقدر نعبده و نجتهد فيها زيادة.
قال تعالى ("وَ اللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَ جَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَ الأَبْصَارَ وَ الأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ") آية 78 النحل
يعني القدر الهائل من النعم دي كلها ربنا منحها لينا عشان نقدر نعيش حياة سعيدة جميلة و كل المطلوب مننا في المقابل هو عبادة الله سبحانه و تعالى تعبيراعن شكرنا له و الدليل على دا قول الله تعالى ("يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ {21} الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ") آيات 21,22 البقرة
و معنى ذلك أن اصحاب النعم (إحنا يعني) مطالبون بمزيد من الجهد و النشاط في مقابل الخير الكتير و النعم العظيمة اللي حصلوا عليها.
و لأن نعم الله علينا كتير اوي و اكتر من إننا نحصيها , فمهما عملنا و مهما أدينا من طاعات مش هنقدر نوفي شكر ما منحنا الله لنا , بس احنا بنشتغل و بنسعى و نطمع في رحمة الله تعالى
قال رسول الله ("و الذي نفسي بيده إن الرجل ليجئ يوم القيامة بعمل صالح لو وضع على جبل لأثقله , فتقوم النعمة من نعم الله , فتكاد تستنفد ذلك كله , لولا ما يتفضل الله من رحمته")
نقطة هامة محورية : كلمة رحمة الله متخليناش نضحك على نفسنا و نتخيل إن الحساب فوضى , و نوهم نفسنا إن العمل لا يرشح لجنة أو نار , إنما هي الرحمة العليا يظفر بها شخص ما – ولو كان عاصياً – فيدخل الجنة , و يحرم منها آخر – و لو كان مطيعاً – فيدخل الجنة.
الخرافة دي بالذات لقيت انها شايعة بين ناس كتير أوي , و قريت مقالات كاملة بتتكلم في النقطة دي , و دا كله لم يزدهم عن الله إلا بعداً و عن دينه إلا جهلاً.
إزاي واحد يخش الجنة بدون عمل صالح ؟؟؟ , و الله تعالى يقول
("تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً") آية 63 مريم
و يقول تعالى ("لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ") آية 127 الأنعام
و يقول ("وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ") آية 72 الزخرف
بما كانوا يعملون , من كان تقياً , بما كنتم تعملون
يعني المعصية عمرها ما هتقرب من ربنا و لا يكون ليها فرصة في رحمته , إنما هو العمل الصالح الذي يقرب من عطفه و مغفرته
الحمد لله . . . الحمد لله . . . الحمد لله
كان معكم
فتوح أبو المفاتيح – واحد من اللي هما إحنا
كان معكم
فتوح أبو المفاتيح – واحد من اللي هما إحنا