السبت، 28 أغسطس 2010

11 ثلاثية القضاء و القدر – ثالثا : مرونة التعامل مع القدر



أولا : حقيقة القضاء و القدر
ثانيا : مراقبة القدر و أحداثه القاهرة
ثالثا : مرونة التعامل مع القدر

بسم الرحيم نبدأ

أكيد سمعنا عن شخص بنوصفه و نقول , دا الحزن كسره , أو نقول إن فيه مصيبه حصلتله كسرته , مع انه كان راجل شديد و قوي أوي , بس المشكلة دي كانت أكبر منه و كسرته.
الشخص دا يوصف بانه مفتقد للمرونة في التعامل مع المشاكل و القدر . . .
الحالة اللي فاتت تعليلها انه في بعض الأحيان المشكلة بتبقا أكبر مننا و اقوى مننا فتكسرنا, عشان كدا نحتاج نميل في وش العاصفة و نستنى لحد ما تهدي و نبدأ نشوف هنعمل فيها ايه
دا غير كمان إن المرونة دلالة على تقبلك اللي حصل و قبولك لحكم الله في الأمر الذي لا بد منه
المرونة و التقبل للحدث و الدوران حوله لا يعني بأي حال من الأحول ضعف أو خنوع , ما كان المؤمن أبداً ضعيفا , هو الأمر ببساطة عامل زي المصارع في حلبة المصارعة لما بيلف حولين الخصم عشان ميضربهوش في مقتل أو يكشف منه منطقة يقدر يضربه منها

ديل كارنيجي قال : إن أحداً منا لم يمنح القوة التي تجعله يقاوم ما ليس منه بد , ثم يتبقى له بعد هذه المقاومة جهد يمكنه من خلق حياة حافلة سعيدة.
عليك أن تختار واحداً من شيئين : إما أن تنحني حتى تمر العاصفة بسلام , و إما أن تتصدى لها متعرضاً بذلك للهلاك
مثل الأشجار في مزرعتي , إذ هبت رياح عاتية على المزرعة و لكن الأشجار لم تنحن للعاصفة , بل تصدت لها منتصبة الأعواد , فلم تلبث أن تكسرت و صارت حطاماً تذروه الرياح
إن اشجاري ليس لديها حكمة الأشجار النامية في مزارع كندا , لقد عهدتها دائمة الخضرة , تنحني للعواصف , فتمر في طريقها بسلام.
و دا أحسن تفسير و توضيح لحديث سيدنا النبي ("مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الريح تميله , ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء , و مثل الكافر كمثل شجرة الأرز لا تهتز حتى تُستحصد")

الواحد يعني يخاف على نفسه من الانكسار , عشان كدا نحتاج إننا نملك نفسنا أوي لما تحصل حاجة زي دي , ناخد جنب منها و منقفش قدامها , ممكن تصيبنا ببعض الحزن و التعاسة و الألم , بس عمر الحاجات دي ما هتكون بنفس القدر لو وقفنا في وشها و تصدينا ليها , مع علمنا الكامل إننا مش هنقدر نغير منها حاجة , تنحينا و ميلنا في وجه العاصفة , مش بيكون عشان نفسنا بس , لأ بيكون عشان الناس اللي حوالينا و اللي بتحبنا و عشان يتبقى لنا من القوة ما يساعدنا إننا نقف على رجلنا تاني , و نبدأ حياة جديدة , و متبقاش نفسنا استهلكت بالكامل في المشكلة السابقة.

في بعض الأحيان المرونة دي بتفرض علينا إننا نبتسم في وجه هذه المشكلة , ابتسامة الحزين المتألم , نعتبرها نوع من التخفيف الذاتي على انفسنا , و حسن استقبال لما قدره الله لنا , زي شاعرنا القديم اللي قال :
و لما رأيت الشيب لاح بعارضي * * * و مفرق رأسي قلت للشيب مرحباً
الراجل شاف نفسه كبر و عجز و خلاص حسن الختام بقا , , , فواخد الأمر بروح جميلة تخفف عنه ما حدث , , , وهكذا نفعل مع باقي الاحداث

ديل كارنيجي وصف الموضوع دا و قال: إن السرعة التي نتقبل بها الأمر الواقع – في حالة إذا لم يكن منه بد – مدهشة النتيجة , فإننا لا نلبث حتى نوطد أنفسنا على الرضا بهذا الواقع , ثم ننساه تماماً
واحد اسمه "وليم جيمس" قال كلمة حلوة أوي برضه : كن مستعداً لتقبل ما ليس منه بد , فإن هذا التقبل خطوة أولى نحو التغلب على ما يكتنف الأمر من صعاب.

اللي قلناه فوق , كله عبارة عن شروح مختلفة لكلمة الرضا , و نقدر نعتبرها نوع من المواساة و الطبطبة علينا في مواجهة هذه الأشياء – التي ليس منها بد – و دا في حالة انها جت لوحدها و منكونش سعينا ليها.
زي ما كلنا بنحب نشوف الدنيا حوالينا و نستمتع بالألوان و بهجة الأضواء , يعني محدش بيحب يفقد عينه , دي بالضبط عاملة زي المصائب و المشاكل اللي ممكن ربنا يبلونا بيها , حاجة مش مستحبة , محدش يطلبها من ربنا
فيه واحد من التابعين اسمه "مُطرف بن عبد الله" قال : لأن أعافى فأشكر أحب إلى من أن أبتلى فأصبر , لأن مقام العوافي أقرب إلى السلامة , فلذلك أختار الشكر على الصبر , لأن الصبر حال أهل البلاء.
على عكس اللي فات دا نلاقي فكر المتصوفة , اللي سحبوا وراهم كتير من الناس ,أوهموا الناس إننا لازم نتألم في الدنيا و لازم نتعذب , و إن الدنيا كلها دار بلاء و مينفعش الواحد يكون كويس فيها ونبقا مبسوطين , و بقا فيه ناس بتسعى برجليها نحو الضرر و التعاسة في الدنيا و تخشين الملبس و المشرب و ما إلى ذلك , و رفضوا الشعي نحو الأفضل و نحو التحسين و نحو عمارة الأرض

نقطة هامة جدا
في التعامل مع القدر , فيه موقفين لازم نفرق بينهم ونكون واعيين ليهم وهما , , , , ما منه بد , , , , وما ليس منه بد
يعني الحاجة اللي انت تقدر تغيرها و تتحاشاها ,و الحاجة اللي متقدرش تعمل قدامها حاجة
يعني من الآخر , لو حصل عليك ظلم , أو وقعت في كارثة و مصيبة و تقدر تتصرف فيها , يبقا السكوت عليها جريمة و رضاك بيها معصية و نكران لكل نعمة منحها الله لك بداية بعقلك و نعمة التفكير
عشان سوء الفهم دا لمعنى الرضا , أصبح مصطلح "الرضا بالقسمة" لبانة في كل بق , بتتقال في وش أي ظلم بنتكاسل عن تغيره , قدام أي مشكلة حتى لو صغيرة خايفين نقرب منها , و أصبحت عصا يقاد بها الناس و يخدرون عشان يسكتوا عن الظلم و الفقر و يعتادوا الكسل و الخمول
المفروض إن مصطلح "الرضا بالقسمة" معمول عشان الناس اللي شغالة اللي بتتعب للتخفيف عنها و الناس اللي بتحصل ليهم كبوات و مفيش في ايدهم حاجة قدامها , و معمول للتخفيف عن الناس اللي واقع عليهم ظلم ميقدروش يغيروه ولا يعملوا فيه حاجة , زي أي حد معتقل ظلم تحت مسمى قانون الطوارئ

في الأخير أقولكم حديث و دعاء , قال رسول الله ("اتق المحارم تكن أعبد الناس , و ارض بما قسم الله لك تكن اغنى الناس") لأنك عمرك ما هتشعر بالحاجة لحد لأنك سعيد باللي بتوصل ليه نتيجة سعيك , وبتستمر في السعي لأنك عارف إن ربنا بيقدر ليك الخير , و عمرك ما بتسخط على حاجة بتحصل ليك.
فيه دعاء حلو جدا , بيلخص كل اللي فات بيقول
هبنى اللهم الصبر و القدرة . . . لأرضى لما ليس منه بد
و هبني اللهم الشجاعة و القوة . . . لأغير ما تقوى على تغييره يد
و هبني اللهم السداد و الحكمة . . . لأميز بين هذا و ذاك

آمين يا رب العالمين

كان معاكم داعيا له و للمسلمين
فتوح أبو المفاتيح – واحد من اللي هما إحنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق